قوله جلّ ذكره: {لِكَيْلاَ تَأسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَآ ءَاتَاكُمْ}.عَدَمُ الفرحة بما آتاهم هو من صفات المتحررين من رِقِّ النَّفْس، فقيمةُ الرجالِ تتبين بتغيُّرِهم- فَمَنْ لم يتغيَّرْ بما يَرِدُ عليه- مما لا يريده- من جفاءٍ أومكروهٍ أو محنة فهو كاملٌ، ومَنْ لم يتغيَّرْ بالمسارّ كما لا يتغير بالمضارِّ، ولا يَسُرُّه الوجودُ كما لا يُحْزِنُه العَدَمُ- فهو سَيِّد وقته.ويقال: إذا أردْتَ أن تعرفَ الرجلَ فاطلبْه عند الموارد؛ فالتغيُّرُ علامةُ بقاء النَّفْس بأيّ وجهٍ كان: {وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}.فالاختيال من علامات بقاء النفس ورؤيتها، والفخرُ (ناتجٌ) عن رؤيةِ ما به يفتخر.قوله جلّ ذكره: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ}.بخلوا بكتمان صفة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم وأمروا أتْباعَهم بذلك، وذلك لما خافوا من كسادِ سُوقِهم وبطلان رياستهم.{وَمَن يَتَوَلَّ} عن الإيمان، أو إعطاء الصَدَقة {فَإِِنَّ اللَّهَ هُوَالْغَنِىُّ الْحَمِيدُ}.والبخلُ- على لسان العلم- مَنْعُ الواجب، فأمَّا على بيان هذه الطائفة فقد قالوا: البخلُ رؤية قَدْر للأشياء، والبخيلُ الذي يُعْطِي عند السؤال، وقيل: مَنْ كَتَبَ على خاتمه اسمه فهو بخيل.